أمير زيارة
وانا اقف بين ممرات المحكمة في انتظار صديقي المحامي لفت انتباهي وقوف عشرات الفتيه الذين لا تتجاوز اعمارهم الستة عشرة سنة وهم يتشابكون الايدي مع فتيات لا تتجاوز اعمارهنَّ الرابعة عشرة سنة في انتظار اكمال عقود زواجهم !! من جانب اخر تقف عدد من الفتيات اللاتي لا تتجاوز اعمارهن سن الرابعة عشر مع ذويهُن امام باب القاضي لرفع دعوة طلاق على ازواجهن !!!
هذهِ المشاهد جعلتي اشعر بالاشمئزاز مما يحدث ولكن تمالكتُ نفسي حتى اللحظة التي خرجت فيها تلك الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الرابعة عشرة سنة من مكتب القاضي وهي تحتضن بين ذراعيها طفلاً رضيعاً و تنهمر عيناها بالبكاء وتبدو على ملامح وجهها الكدمات والبؤس والخيبة .
حينها لم استطع تحمل بشاعة المشهد فخرجتُ هارباً من ابواب المحكمة وفي ذهني عشرات الاسئلة التي تُربك عقلي : لماذا لم يتعظ هؤلاء الفتية القاصرين الحالمين بالزواج المبكر من المشهد الذي حدث امامهم لتلك الفتاة الصغيرة ؟ لماذا لم يعيدوا حساباتهم و التفكير ملياً قبل الاقدام على تدمير مستقبلهم بخطوة مبكرة ؟ هل هم حقاً بالغين للحد الذي يجعلهم يعرفون بالزواج و المسؤوليات المترتبة عليه ؟ اين ذويهم من دور النُصح والارشاد ؟
يتهافت في المحاكم يومياً عشرات الفتيات القاصرات والشباب الذين لم يبلغوا سن الرشد من اجل الزواج ولا يطول الامر إلا بضعة اشهر حتى يعودوا مجدداً لرفع دعاوى قضائية للطلاق من بعضهم لتصل حالات الطلاق اسبوعياً ( ١٥٠ ) حالة وهذهِ النسبة هي كارثة اجتماعية قادرة على هدم جميع العادات والتقاليد والاعراف في المستقبل القريب اذا ما وضعت حلول وقوانين تحد من الزواج المبكر الذي اصبح يشبه زواج المتعة بالنسبة للقاصرين .

لا استطيع لفت انظار الدولة في هذهِ القضية لان المجتمع والاعراف والعادات والتقاليد والدين هم الوحيدين القادرين على ردعها والحد منها، فمهما وضعت الدولة من قوانين لن تستطيع إيقافها دون التصدي لها و نبذها فكرياً داخل المجتمع ، في المقدمة يأتي دور الوالدين في النصح والارشاد و التوجيه لأولادهم القاصرين وبذل كل ما يلزم لمنع زواجهم حتى التأكد من بلوغهم سن الرشد وقدرتهم على تكوين حياة زوجية صحيحة ، كما يأتي الدور الاهم لمؤسسات المجتمع المدني في نشر التوجيهات والارشادات عبر اقامة الندوات والاجتماعات لتعريف المجتمع بمخاطر ومساوئ هذهِ الظاهرة وما لها من تبِعات في المستقبل بتدمير المجتمع .