وطن ينحني اجلالا لأرواح شهدائه المضحين ، وتغيب البدور خجلاً من تلك الشموس الساطعة، من وحي عاشوراء وعبق الشهادة كانوا وما زالوا يستلهمون من ذكرى الطف لنصرة الدين شامخين ملتزمين بحكم الله ورسالة نبيه واضعين الرقاب على حد السيف، فمن وحي عاشوراء كانوا كما كأن جون وحبيب لحسين يوم الطف في البيداء، أسود الوغى وفرسان الهيجا مقبلين غير مدبرين اقرب الى ان تشببهم بحملة الرسالة الالهية التي قد خطوها بدمائهم الزاكية ، فشهداء العقيدة قد كانوا للدين كما كان شهداء الطف للحسين ، تركوا الدنيا بما فيها من ملذات في سبيل اعلاء كلمة الله الحق ملبيين النداء.
فلا شك ان من استشهد مدافعا عن كل مقدس في هذه الارض الطاهرة هم ذاتهم من سلالة من استشهدوا يوم الطف بكربلاء لاستمرار الرسالة المحمدية ، حتى صاروا طريقا ومنهاجاٌ لللاحقين ومثالا للسابقين، فالشهداء اليوم كالحسين وأصحابه في كربلاء كان حفاظهم على الدين من خلال تلك التضحية التي هي بالأصل ارادة الله الحق، فالدين اليوم يستنشق عبير الطف من رئاتهم ، كما قد نبض قلب الكون بجريان دمائهم الزاكية، سيدي يا ابا عبد الله سيدي يا ابا الفضل ، سادتي الشهداء ها هي الأرواح تتسابق لتتوسم بشرف زيارتكم ، تسبق اجسادنا الفانية لزيارة اضرحتكم الخالدة الشامخة بعنفوان على مر العصور والى قيام الساعة ، فكنتم ذات يوم النظام الوحيد في زمن الفوضى ، فقد عجزت كما قد عجز الكون في وصفكم ساداتي ، لتتلخص أسمائكم بأن تكونوا شهداء الطف ، وصار لكم الحسين الكلمة الدالة الشاملة ، فصرتم حسيناً واكتفيت.